لا شك ان مجمل التطورات التي تحصل في لبنان تضاعف الضغط على كل الاطراف من مختلف الجوانب، سواء السياسية او الاقتصادية او المعيشية والحياتية، وبالتالي قد يكون الهدف من وراء تأزيم الاوضاع دفع الامور باتجاهات معينة لدفع بعض الاطراف لتقديم تنازلات خاصة مع بروز مؤشرات على وقوف جهات خارجية وراء ما يحصل بالتزامن مع استمرار الحصار الاميركي على لبنان لتنفيذ أجندات محددة.
انطلاقا من كل ذلك لا بد من الانطلاق مباشرة وعدم تضييع المزيد من الوقت لجلوس اللبنانيين مع بعضهم البعض بغية منع أي جهات خارجية للتلاعب بمصير بلدهم وحاضره والعمل على إجهاض أي فتنة قد تحضر هنا او هناك، وبالتالي يبقى الحوار والتوافق هو السبيل الوحيد لنزع فتيل التأزيم والبدء بمعالجة ما يعانيه لبنان من أزمات بدءا من الاستحاق الرئاسي ومن ثم تشكيل حكومة قادرة على العمل لإخراج البلد من واقعه الصعب.
فهل يشكل انسداد الأفق السياسي وتصاعد الاوضاع الضاغطة وتسارع التطورات من ارتفاع الاسعار وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وصولا لما جرى قضائيا بملف انفجار مرفأ بيروت، فرصة للعودة للحوار الداخلي بعيدا عن أي ضغوط خارجية؟ وهل يمكن إطلاق المبادرات الحوارية بين القوى اللبنانية؟ وهل بالامكان إعادة إطلاق الرئيس نبيه بري من جديد لمبادرته الحوارية؟ وهل من المفيد الذهاب لما سبق ان طالب به الرئيس بري سابقا قبل سنوات بضرورة التوافق على عدة مسائل بما يسمى بـ”السلة الشاملة” وليس فقط على الاستحقاق الرئاسي؟
وبالسياق، دعا الوزير السابق وديع الخازن في حديث خاص لموقع المنار “لانقاذ البلد ومؤسسات الدولة وإنقاذ الاستحقاق الرئاسي بسلة تفاهمات شبيهة بالتي طرحها الرئيس نبيه بري عشية الإنتخابات الرئاسية في أيلول/سبتمبر 2016″، وتابع “إذا لم يستطع المجلس النيابي من إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فهل يقوى على المكوث متربّعا في فراغ مؤسساته كدولة وكيانه كوطن؟”.
واضاف الخازن “لم يعد البلد في وارد إمتصاص أي صدمة جديدة وهو في ذروة غيبوبته، تتداعى مفاصله إلى حد العجز عن النهوض من جديد”، وسأل “إلى متى ننتظر إلتقاط خشبة الخلاص من الغرق المُحتّم وسط الأنواء التي تتخبط فيها دول الصراع في المنطقة؟”، واعتبر انه “حتى لا نعلق في شباك الفتن وسط منحى انتحاري مُدمّر، لا بدّ من العودة إلى سلة تفاهم كالتي طرحها الرئيس نبيه بري دفعة واحدة على كل شيء في أيلول سنة 2016 عشية إنتخاب الرئيس ميشال عون، تُعيد للدولة اعتبارها الوجودي كسلطة جامعة من خلال إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقيام حكومة فاعلة تضع حدا فاصلا وحاسما للفساد الضارب أطنابه في كل مرافق الدولة”.
بدوره، دعا عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض بُعيد جلسة مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس يوم الخميس 19-1-2023 الى “الحوار والتواصل بين الجميع”، وطالب ان “تكون هناك مبادرات عبر تواصل الكتل والمكونات مع بعضها البعض”، وأسف ان “البعض راهن على المسارات والمبادرات الإقليمية وضيع فرص الحوار”، وأكد ان “الحل ليس بالرهان على الخارج ولا بإدارة الظهر لبعضنا البعض بل فتح قنوات التشاور والتحاور”، واعتبر ان “الأخطر فيما يجري هو تصوير الاستحقاق الرئاسي الى مشكلة طائفية لانها مسألة سياسية ولا أحد يهدف لاستهداف أحد ولا لاستهداف المواقع الدستورية”.
يبقى ان خلاصة الأمر بما يتعلق بالتوافق الداخلي اللبناني، هو ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث صحفي الاربعاء 25-1-2023 مؤكدا أن “حل مشاكل لبنان يحتاج إلى توافق داخلي، ويحتاج إلى أن توقف الدول الأجنبية تدخلها وضغطها على لبنان”، واعتبر أن “كل مشاكلنا في لبنان هي من التدخلات الخارجية، والأفضل أن نتماسك لبنانيا من أجل أن ننجز استحقاقاته من دون ضغط خارجي”.
والحقيقة ان الخارج لن يكون بمقدوره فعل أي شيء لو توافقت المكونات اللبنانية فيما بينها، فلا أحد يستطيع تغيير ما نقرره ولو جاءت كل دول العالم بكل إمكاناتها، بل بالعكس إذا ما قررنا أي أمر فإن الخارج هو من سيلحق بنا ويسير بما نقرره ويرضخ لذلك لانه لن يكون بمقدوره تغييره، وبالتالي يجب التوقف عن انتظار الوهم الآتي من الخارج سواء كان مهتما بنا ام لا، والبحث فقط عن مصالح لبنان.
المصدر: موقع المنار