لا أحد يستطيع تفسير هندسات وآليات عمل ” سلامة” المصرفية، فالغموض والالتباس في السلوك المصرفي الذي يقدمه الحاكم عبر منصة صيرفة أشبه بحالات الاختفاء في مثلث برمودا .
في مراجعة سريعة لانطلاقة صيرفة والتي كانت في ايار 2021 . ترافق اطلاقها عدد من التعاميم لشرح كيفية تعامل المصارف مع العمليات ومن البنود : أن لا أن تتجاوز الهوامش بين سعر البيع وسعر الشراء نسبة 1 في المئة، أن تكون هذه العمليات متاحة للتجار والمستودرين والمؤسسات وأيضاً للأفراد العاديين شرط تأمين مستندات ومعلومات محددة.كما تضمنت البنود تعزيز لدور المركزي عبر التدخل عند اللزوم، لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، وللحد من المضاربات والسيطرة على الدولار.وطٌلب من المصارف إدخال الأرصدة النقدية اليومية لافتتاح وإقفال الصندوق بالليرة وبالعملات الاجنبية على المنصة. وكانت انطلاقتها عند سعر 12000 ألف ليرة لبنانية وأقفلت بالأمس عند 38000 ألف ليرة لبنانية في حين يتجاوزالدولار في السوق السوداء 50000 ألف ليرة لبنانية.
هل تحقق هدف ” صيرفة ” ؟
الهدف المعلن لصيرفة هو من أجل لجم إرتفاع سعر الدولار في السوق المحلي. على إعتبار أن المؤسسات والشركات التي تعنى بإستيراد المشتقات النفطية والسلع الغذائية والدوائية، هي مصدر لطلب الدولار وبالتالي مصرف لبنان يؤمن عبر صيرفة الدولارات التي تحتاج اليها تلك المؤسسات فيخف الطلب على الدولار في السوق السوداء . وبذلك يلجم سعر الصرف، هذا الهدف المعلن لصيرفة.
فهل هذا الهدف تحقق ؟
يقول د. حسن حمادة الخبير في أسواق المال والإقتصاد لموقع المنار الإلكتروني أنه بكل تأكيد أن الهدف لم يتحقق . مجموعة أسباب تقف وراء إخفاق منصة صيرفة , فحتى نعتبر أن السوق ناجح يجب أن يكون فعال ولكي يكون فعال هناك عدة عوامل يجب أن تتوفر في السوق وهي :
أن يمتلك المشاركون في المنصة الحرية في الدخول إلى السوق وأن يمارسوا عمليات البيع والشراء بشكل سهل وسريع وبسيولة متوفرة وجاهزة .بالاضافة الى ضرورة وجود عامل الشفافية من حيث توفر المعلومات لجميع الأطراف التي ستشارك في عمليات البيع والشراء, هذه الأسباب هي أسباب أساسية لنجاح أي سوق مالي . وهي التي لم تتوافر وساهمت في تعميق أزمة سعر الصرف .
رشوة وفرق سعر ؟
يلجأ مصرف لبنان عبر بياناته اليومية التي يصدرها خلال أيام الأسبوع بالإعلان عن حجم التداول على منصة صيرفة ويتبين من خلال البيانات أن الارقام تتجاوز المليار دولار شهرياً أي ما يفوق 12 مليار دولار سنوياً هو حجم البيع والشراء التي سجلتها المنصة عبر مؤسسات وشركات .
فمن هم الاطراف الذين يستفيدون من مصنة صيرفة ؟
يقول حمادة أن هناك تجار يستطيعون عبر المصارف أن يستفيدوا من المنصة وتجار لا يستطيعون ! وهناك معاملات لا يتم الموافقة عليها من قبل المركزي ما يعني أن هناك استنسابية في العمليات التي تنفذ عبر صيرفة . الارقام التي تنفذ عبر صيرفة كبيرة بالنسبة لحجم الاقتصاد والسوق اللبناني ومحدودية الاحتياط الموجود . ويؤكد حمادة أن صيرفة أنشات لهدف لم يتحقق ولن يتحقق .
والأخطر أنها حولت الشعب اللبناني إلى صراف وأصبحت تستخدم لرشوة الناس. كيف ؟ يعني أنت تستطيع كموظف أن تسحب من 100 إلى 400 دولار على سعر صيرفة وتذهب بعدها الى السوق لتصريفها على سعر السوق السوداء هنا تحصل على “فرق سعر “.
ومن كان له حظوظ عالية عند المصارف من شركات وأفراد استفادوا ” وعملوا ثروة ” فالمستورد يأخذ على سعر صيرفة لينفذ عمليته التجارية , ويسعر البضاعة على سعر السوق , جولة سريعة على المحالات والسوبرماركات تجد أن التسعير هو أزود بين الفين الى 5 ألاف ليرة لبنانية . ليس صاحب الشركة أو المؤسسة هو المستفيد فحسب, أيضاً المصارف استطاعت خلال هذه الفترة أن تستعيد فعاليتها وتعزز رأسمالها .
لإغلاق صيرفة !
تخالف النتائج التي أحدثتها منصة صيرفة الاهداف التي أنشأت من أجلها وأولها لجم ارتفاع سعر الصرف بالاضافة الى خلق حالة فوضى عارمة و صعوبة في التسعير, ومشكلة أكبر أمام الموطن في مواجهة هذا الارتفاع التاريخي لسعر صرف الدولار الذي يأخذ منحى تصاعدي يشير هنا الباحث الاقتصادي والقانوني في المعهد اللبناني لدراسات السوق كارابيد ففكراجيان أن المنصة بغياب أهدافها المفترضة والشفافية يجب أن تنسحب من السوق حتى لو لم يتم تأمين بديل عنها لأنها ساهمت خلال الفترة الماضية برفع سعر السوق بدل من لجمه , وتكمن الخطورة في لجوء المركزي لطباعة الليرة دون غطاء لتلبية السوق ومن ثم يتدخل وهكذا حتى ساهمت هذه الطريقة في خلق خضات واضطرابات متواصلة في السوق ولم تساعد على الاستقرار . أمام كل ما تقدم نسأل كيف سيواجه المواطن الارتفاع التصاعدي لعملته ؟ وهل سيلجأ رياض سلامة الى تعميم ” غامض جديد ” للجم الارتفاع التاريخي للدولار ؟
المصدر: موقع المنار