حسين شعيتو
مهزلة، كارثة، فضيحة… بهذه الكلمات وغيرها وصفت الصحافة الأمريكية ما يحصل داخل الكونغرس الأمريكي من فشل في انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب خلفاً لنانسي بولوسي التي انتهت ولايتها مع انتهاء انتخابات التجديد النصفي الأمريكية والتي فاز فيها الحزب الجمهوري بأغلبية ضئيلة ( ٢٢٣ مقعد مقابل ٢١٢ للحزب الديمقراطي).
بعد إنعقاد جلسة الانتخاب الأولى كان من الطبيعي إنتخاب زعيم الحزب الجمهوري النائب عن ولاية كاليفورنيا “كيفين مكارثي” كرئيس للمجلس الأمريكي نظرا للأغلبية التي حصدها حزبه خلال الانتخابات مقابل إلتزام الحزب الديمقراطي بالتصويت لمرشحهم “حكيم جيفري” ولكن المفاجأة كانت خلال فرز الأصوات بأن المرشح الجمهوري حاز على ٢١٢ صوت فقط متعادلا مع منافسه الديمقراطي وقد تكرر المشهد في ٨ جلسات متتالية خلال يومين بل تضائلت أصوات مكارثي إلى ٢٠٣ أصوات في الجلسات اللاحقة.
وبعد الدخول في التفاصيل تبين أن هناك ٢٠ نائب من اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري امتنعوا عن التصويت لمكارثي باعتباره ضعيف ولا يمثل طموحات الحزب الأحمر حسب قولهم وقدموا إليه عدة طلبات رفضها الأخير مما عقد المشهد اكثر ودفعه للتواصل المباشر مع دونالد ترامب الذي يعتبر المثل الأعلى لهؤلاء النواب وقد تبين ان الرئيس السابق للولايات المتحدة غير بريء من هذا التعطيل بعدما صرح خلال لقاء تلفزيوني بأنه يدعم مكارثي ولكن ليس بالمطلق لأن بعض نواب الحزب لديهم أزمة ثقة معه وبعضهم الآخر يضع علامات استفهام على أدائه وإمكانية إدارة المجلس.
من جملة الطلبات للنواب العشرين كان إعادة قانون السلطة المطلقة للنائب الواحد الذي ألغته بولوسي خلال ولايتها بالإضافة لفتح ميزانية من لجنة الدراسات الجمهورية وخطة الحدود التي وضعها وفد تكساس وغيرها من الطلبات التي اعتبرها مكارثي تعجيزية لتتفاقم الأزمة بين الطرفين ويسعى النواب الجمهوريون لفتح حوار مباشر بين مكارثي وكتلة اليمين المتطرف لم تصل إلى نتيجة حتى الساعة وقد ذهب مكارثي أبعد من ذلك في التلويح لعقد صفقة مع بعض النواب الديمقراطيين لتأمين الأغلبية الامر الذي ينذر بالخطر من مقاطعة بعض الجمهوريين للجلسة وبالتالي سيكون أمام الحزب الأزرق فرصة لاستعادة رئاسة المجلس.
أمام هذا المشهد المعقد والشلل الذي أصاب الكونغرس الأمريكي في وقت حساس جدا من الأحداث الدولية التي يجب على الولايات المتحدة مجاراتها فضلا عن الأزمات الداخلية من تحديد سقف الدين العام وارتفاع أسعار مشتقات النفط واستنفار البنك الفيدرالي الأمريكي وحديثه عن أن الدولار الأمريكي مهدد بالتأرجح لأول مرة في تاريخه ويضاف إلى ذلك السخط الشعبي والإعلامي الكبير جراء ما يحدث والاحتجاجات على تورط أمريكا في استمرار دعم أوكرانيا رغم الخلل الداخلي، تنطلق اليوم الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس المجلس دون أي تطور يذكر مما يعني ان مجلس النواب الأمريكي متوقف عن العمل وغير قادر على سن اي قانون او ادارة شؤون البلاد وسط استغاثة للبيت الأبيض بدأت تلوح في الأفق بأن الوقت ليس لصالح الاقتصاد أو الاستقرار الأمريكيّين.
المصدر: موقع المنار