مرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” خلال عام 2022م بالعديد من المحطات المهمة على الصعيد الفلسطيني، وأيضاً على صعيد العلاقات العربية والإسلامية والدولية، حافظت خلالها على منهجها وثوابتها، وسعت جاهدة إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية بكل السبل الممكنة.
وظلت حركة حماس وهي تطوي عامها الخامس والثلاثين ثابتة على طريقها، وتراكم قوتها لتقود المشروع الوطني الفلسطيني نحو تحرير أرضنا وطرد الاحتلال منه عما قريب.
المصالحة الفلسطينية وخلال عام 2022م سعت حركة حماس إلى توحيد الصف الفلسطيني إيمانًا منها بأهمية رص الصفوف في مواجهة الاحتلال، وترجمت ذلك عمليا في كل جولات الحوار الفلسطيني على مدار سنوات الانقسام.
وفي كانون الثاني / يناير الماضي تلقت حركة حماس دعوة رسمية روسية لإجراء حوار مصالحة فلسطينية في موسكو، حينها أكد رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس د. موسى أبو مرزوق أن الحركة لم ترفض أي دعوة لأجل الوحدة الوطنية واللحمة الفلسطينية، وشرطها هو عدم التنازل عن أي ثابت من ثوابت الشعب الفلسطيني.
وبعد زيارة موسكو، وفور تلقي الحركة الدعوة الجزائرية لإجراء حوار مصالحة فلسطينية على أراضيها في سبتمبر الماضي رحبت حماس بالمبادرة الجزائرية وجهودها لإنجاز المصالحة الوطنية، مؤكدةً حرصها وجاهزيتها لإنجاحها.
وشددت الحركة على حرصها على العمل بكل قوّة وبأعلى درجات المسؤولية الوطنية لإنجاح الجهود الجزائرية في إنجاز الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني؛ ترتيباً كاملاً وشاملاً على أسس وطنية صحيحة، تحقّق أهداف شعبنا في الحريَّة والاستقلال وطرد الاحتلال.
وحرصت حركة حماس في كل مرة على تحقيق المصالحة الفلسطينية وأبدت مرونة عالية وقدمت تنازلات كبيرة، وما زالت تؤكد أن قرارها بالمصالحة لا رجعة عنه مطلقاً، وأنها لن تعود أحد أطراف الانقسام، وستنهيه إلى الأبد.
إخوة الدم والسلاح
وفي إطار تعزيز العلاقة وتوطيدها مع فصائل المقاومة، عقدت حركة حماس في مارس الماضي سلسلة لقاءات قيادية بين قيادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي ضمت أعضاء المكتب السياسي، وقادة كتائب القسام وسرايا القدس والمئات من الشخصيات والقيادات الحركية المختلفة.
وتناولت اللقاءات هموم شعبنا وقضيتنا الوطنية، وآليات تعزيز برنامج المقاومة، وسبل تطوير العلاقات الثنائية، وترسيخ العمل المشترك بين الحركتين باعتبارهما رأس حربة مشروع المقاومة جنباً إلى جنب مع فصائل المقاومة كافة وكل الوطنيين الأحرار.
فوز الكتلة الإسلامية
واستمراراً في التفاف الشعبي والجماهير حول خيار المقاومة، حققت الكتلة الإسلامية الذراع الطلابية لحركة حماس هذا العام فوزاً ساحقاً وغير مسبوق في انتخابات مجلس طلاب جامعة بيرزيت في الضفة الغربية.
وأكدت حركة حماس أن هذا الفوز الواضح تأكيد آخر على الالتفاف الشعبي حول خيار المقاومة، الذي يتمسك بالثوابت والوحدة الوطنية في مواجهة مشاريع التصفية والتفريط بالحقوق والتنسيق مع الاحتلال.
سلاح السايبر
وخلال العام الجاري كشفت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وللمرة الأولى عن تشكيل وحدة الحرب الإلكترونية “السايبر” وشنت من خلالها هجمات إلكترونية على أنظمة العدو الأمنية والعسكرية، وعطلت الكثير من المراكز المهمة والحساسة.
ونفذ سلاح السايبر لدى كتائب القسام عدة هجمات سيبرانية ضد مواقع العدو العسكرية المحاذية لقطاع غزة، وخلال عدوان عام 2019 نفذت وحدة السايبر القسامية هجمة كبيرة طالت 30 ألف هدف معظمها لمنشآت أمنية وعسكرية وقواعد عسكرية، الأمر الذي حاول الاحتلال وقفه بكل الوسائل بما فيها القصف الجوي، ولكنه فشل في ذلك.
العلاقات الخارجية
وحرصا من الحركة على إيصال قضية شعبنا إلى العالم أجمع، نجحت خلال عام 2022م في دفع عجلة علاقتها السياسية قدمًا إلى الأمام مع عدد من الدول والأطراف العربية والدولية، أبرزها زيارة روسيا والجزائر وإعادة العلاقة مع سوريا.
ففي يونيو الماضي زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على رأس وفد قيادي من الحركة جمهورية الجزائر الشقيقة للمشاركة في احتفالات الذكرى الستين لاستقلالها، التقى خلالها مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وشخصيات رسمية رفيعة.
وأكد هنية خلال زيارته، أن شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة ينظرون إلى الثورة الجزائرية كمصدر إلهام نستمد منه القدوة والمَثَل في طريقنا نحو تحرير فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها.
تلتها زيارة ثانية للجزائر لوفد قيادي من حركة حماس برئاسة رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية د. خليل الحية لاستئناف الحوار حول ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز العلاقة بين الجانبين واستعراض تطورات القضية الفلسطينية على مختلف المستويات.
وفي ايلول/ سبتمبر الماضي زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على رأس وفد قيادي من الحركة روسيا، والتقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وعدد من الشخصيات الرسمية والدينية، مؤكدًا أن العلاقة بين الشعب الفلسطيني وروسيا هي علاقة راسخة وقوية ومستقرة، وأن روسيا دائمًا تقف إلى جانب الحق الفلسطيني.
إلى جانب ذلك، زار رئيس المكتب السياسي للحركة على رأس وفد قيادي من الحركة لبنان في يونيو الماضي، التقى خلالها مع الرئيس اللبناني ميشيل عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وعدد من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين. وبحث وفد الحركة خلال زيارته إلى لبنان التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والقدس والأقصى، والانتهاكات المتكررة بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية.
كما التقى هنية ووفد الحركة خلال الزيارة عددًا من الأمناء العامين وقيادات الفصائل الفلسطينية، وذلك لبحث التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وآليات التحرك لمواجهة المخاطر المحدقة بها على مختلف المستويات الميدانية والسياسية.
كما زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال عام 2022م، جمهورية التركيا عدة مرات، والتقى مع العديد من الجهات الرسمية والشعبية، إلى جانب ذلك زارت عدة وفود قيادية ومن حركة حماس خلال العام العديد من الدول العالم في إطار تطوير وتعزيز علاقات الحركة الخارجية ونقل معاناة شعبنا إلى كل الدول والشعوب.
وتؤكد حركة حماس أن جميع علاقاتها الخارجية هدفها عرض القضية الفلسطينية، وحشد كل أشكال الدعم لشعبنا ولمقاومتنا الباسلة، مشددةً على تمسكها بكل صوت حر عربي وإسلامي وإنساني في دعم قضايا الأمة، خاصة القضية الفلسطينية في مواجهة الطغيان والتمدد الصهيوني في المنطقة.
ونتيجة لعلاقات الحركة مع عمقها العربي، أفرجت المملكة العربية السعودية عن ممثل حماس السابق في الرياض الدكتور محمد الخضري، وجرى نقله إلى المملكة الأردنية الهاشمية لتلقي العلاج فيها.
إعادة العلاقة مع سوريا
وفي خطوة تعكس حرص حركة حماس على تطوير وتعزيز علاقاتها مع أمتها، ومحيطها العربي والإسلامي، وكل الداعمين لقضيتنا ومقاومتنا، أعلنت الحركة في ايلول / سبتمبر الماضي مُضيّها في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة، خدمةً لأمتنا وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، لا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا.
وشددت حركة حماس على انحيازها إلى أمتنا في مواجهة المخططات الصهيونية الخبيثة، الهادفة إلى تجزئتها وتقسيمها ونهب خيراتها، مبينةً وقوفها صفًا واحدًا وطنيًا وعربيًا وإسلاميًا لمقاومة العدو الصهيوني، والتصدي لمخططاته.
تلاه الإعلان عن زيارة وفد حماس برئاسة رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية د. خليل الحية إلى دمشق ولقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد في انطلاقة جديدة للعمل الفلسطيني السوري المشترك في ظل حاضنة سوريا لشعبنا ومقاومته.
وأكد الحية أن حركة حماس تعود لسوريا بقرار واضح وبقناعة وبإجماع وبصف موحد، لاستئناف العمل المشترك مع القوى الفلسطينية ومع سوريا دعمًا لقضيتنا ووحدة واستقرار سوريا.
الانطلاقة الـ 35
واحتفلت حركة حماس عام 2022 بذكرى انطلاقتها الخامسة والثلاثين في مهرجان جماهيري كبير في مدينة غزة تحت شعار “آتون بطوفان هادر” في حشد جماهيري هو الأكبر منذ سنوات، وسط مشاركة واسعة من الفصائل والقوى الفلسطينية، ونواب المجلس التشريعي، ومئات الآلاف من أبناء الحركة وأنصارها.
وتزامنا مع ذكرى انطلاقة الحركة الخامسة والثلاثين أطلقت حماس موقعها الإلكتروني الرسمي بحُلته الجديدة، والذي يأتي في إطار مواكبة الحركة للتطور السريع في الفضاء الإلكتروني والإعلامي، وسعيها في تسهيل الوصول لمواقفها الرسمية ورسالتها الإعلامية.
وتطوي حماس عام 2022 وعامها الخامس والثلاثين، وما زالت ثابتة على مواقفها راسخة في منهجها، تراكم القوة وتمضي بخطى واثقة نحو تحرير أرضنا ومقدساتنا وكنس الاحتلال منها.
المصدر: وكالة شهاب