على مشارف نهاية العام 2022 الذي شهد انطلاقة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ترأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعاً موسعاً لكبار القادة العسكريين، “بهدف تحديد مهام الجيش الروسي في العام المقبل”.
وفي هذا السياق، رأى الرئيس الروسي أنه “رغم وقوف إمكانيات الناتو قاطبة ضدنا، فإن بسالة ضباطنا ستكمل أهداف العملية الخاصة بالكامل”، مضيفاً أن “العمليات العسكرية طرحت عدداً من القضايا التي يجب علينا التعامل معها مثل قضايا الاتصالات، والأتمتة، وتكتيكات حرب البطاريات”.
من جهة ثانية، أكد الرئيس الروسي أن “توازن الردع النووي هو أساس الاستقرار في العالم”، معلناً عن دخول صواريخ “سارمات” الخدمة في المستقبل القريب، وأن “فرقاطة “الأميرال غورشكوف” الحديثة المزوّدة بصواريخ “تسيركون” الفرط الصوتية ستدخل مطلع كانون الثاني/يناير المقبل الخدمة في البحرية الروسية”. ولفت بوتين إلى أن “خبرة العملية العسكرية الخاصة شأنها شأن خبرتنا في سوريا لا بد أن تصبح أساسا للمواد التربوية التي نقدمها للضباط والجنود في الأكاديميات بما في ذلك كلية أركان الحرب”.
وهنا لفت الرئيس الروسي إلى أنه “لا بد من تطوير العمل مع الوزارات المتخصصة، والتنسيق مع المتخصصين في مجال الإدارات الهندسية والمراكز البحثية”. ورأى الرئيس الروسي أنه “لا بد من معالجة المشكلات التي أظهرتها التعبئة الجزئية، لا بد من التحول إلى رقمنة إدارات التعبئة العسكرية، وتحسين أنظمة التنسيق ما بين الإدارات”، موضحاً أن “الهدف الأساسي لعدونا الاستراتيجي هو تفتيت روسيا وتدمير قوتها”.
وفي السياق، قال “عدد من الموجودين هنا يعرفون جيدا ما حدث في التسعينيات من القرن الماضي، حينما دعم الغرب لـ “القاعدة” وغيرها من التنظيمات الإرهابية في محاولة لتفتيت روسيا. لكننا، وبمساعدة شعب القوقاز تمكننا من مجابهة هذه التهديدات”.
وقام الغرب، بحسب الرئيس الروسي، بـ “غسيل الأدمغة في محيط الجمهوريات السوفيتية السابقة، بما في ذلك في أوكرانيا، ومع ذلك حاولنا أن نحافظ على علاقات الجوار مع أوكرانيا، ووفرنا القروض، والغاز بأسعار زهيدة، إلا أن ذلك كله ذهب سدى”.
وتابع أن “العدو عمل بإصرار، ولا بد من الاعتراف بفعاليته، وتمكنه من التفريق بين شعبين يربطهما التاريخ والثقافة، وما يحدث هو مأساة، إلا أن ذلك لم يكن بسببنا، كل ذلك بسبب عملية تفتيت العالم الروسي”.
هذا وذكر الرئيس الروسي أنه “عام 2014 قدم وزراء الخارجية من بولندا وفرنسا وألمانيا إلى كييف ووقعوا على الاتفاق ما بين الرئيس يانوكوفيتش والمعارضة. إلا أنهم أخلوا بوعودهم بعد ذلك بأيام. وحينما سألت “شركاءنا” عن السبب في دفعهم بعد ذلك نحو الانقلاب، لم أحصل على رد”.
وأكد الرئيس الروسي أن بلاده “تعرف إمكانياتها وما يمكن عمله لتطوير ما ينبغي تطويره”، موضحاً أنه “لا نعتزم عسكرة الاقتصاد أو عسكرة الدولة، سنقوم بحل جميع مشكلات القوات المسلحة الروسية دون أي اقتطاع من الحياة المدنية”.
وقال الرئيس الروسي إن “ضباطنا يذودون عن الوطن بشجاعة وبسالة ويؤدون مهامهم على أكمل وجه، وسوف يكملون أهداف العملية العسكرية الخاصة حتى نهايتها بالكامل”، متقدماً بالشكر
لجميع صنوف الأسلحة في القوات المسلحة الروسية الذين يؤدون واجبهم كما كان الحال في حروب 1812، والحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية”.
زيادة عديد الجيش وخطوة عسكرية رداً على توسع الناتو باتجاه السويد وفنلندا
من جهته، رأى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، خلال الاجتماع الذي ترأسه الرئيس بوتين، أن جيش بلاده “يواجه في أوكرانيا قوات الغرب الجماعي، الذي أنفق 97 مليار دولار على تسليح أوكرانيا”، مؤكداً أن “دخول فنلندا والسويد للناتو يجعل ضرورياً إنشاء تشكيلات عسكرية جديدة شمال غربي البلاد، ورفع عدد المطلوبين للتجنيد في هذه المناطق في سن 18-21 عاما، ورفع سن التجنيد من سن 27-30 عاما، وليس 27 عاما كما الحال في الوقت الراهن”.
شويغو أكد أن “المستفيد الأكبر من هذه العمليات الولايات المتحدة الأمريكية التي تستفيد من إضعاف شركائها في أوروبا، وأن جزء من الأسلحة التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا تصل إلى الأسواق حول العالم”، لافتاً إلى أن بلاده في المقابل “تقوم بعمليتها العسكرية الخاصة من أجل الدفاع عن المواطنين من الإبادة الجماعية”.
وتابع شويغو أن “كثير من الوسائل العسكرية الأمريكية تذهب لمساعدة أوكرانيا بما في ذلك 70 قمراً صناعياً عسكرياً، علاوة على أقمار صناعية أخرى متعددة الاستخدام”، موضحاً أنه “يتم تصوير الأعمال الإرهابية الأوكرانية بوصفها “بطولية” في وسائل الإعلام الغربية، ويتم عملية ترويج النازية الجديدة، في الوقت الذي يتم فيه تصفية العسكريين داخل الجيش الأوكراني ممن لا يطيعون الأوامر”.
من جهة ثانية، لفت شويغو إلى أنه “لا بد من الإشارة إلى الدعم الكبير الذي نلمسه في المجتمع المدني، حيث تطوع أكثر من 20 ألف في صفوف القوات المسلحة، إلى جانب الدعم الذي نلقاه من عدد من المؤسسات والهيئات المجتمعية”، لافتاً في السياق إلى أن التعبئة الجزئية “ساعدت القوات المسلحة الروسية في توسيع سيطرتها على مساحة أكبر بخمسة أضعاف من المساحات التي كانت تسيطر عليها جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان قبل 24 شباط/فبراير”.
وعن العملية العسكرية التي تخوضها بلاده في أوكرانيا، قال شويغو إنها “أثبتت مهنية القوات المسلحة الروسية وفعاليتها ومرونتها وسرعة استجابتها”، مشيراً إلى أنه “تمّ إجراء 15 مناورة عسكرية حول العالم في 2022″، ومعلناً أنه “في كانون الثاني/يناير ستدخل غواصة “الأدميرال غورشكوف” إلى الخدمة القتالية التي تحمل أحدث الصواريخ الروسية “تسيركون””، مشيراً إلى أن “الثالوث النووي الروسي لديه جاهزية عالية بفضل تزويد القوات بأحدث الأسلحة”، في إشارة إلى تزويد هذا الثالوث بأول قاذفة استراتيجية من طراز TU-160M.
كما أعلن شويغو “إعادة العمل والحياة المدنية موانئ فيرديانسك وماريوبول، وأصبح بحر آزوف مرة أخرى بحرا روسيا داخليا كما كان كذلك على مدار القرون الماضية”.
وقال وزير الدفاع الروسي أن “27 دولة في العالم أنفقت 97 مليار دولار على إمدادات الأسلحة لأوكرانيا”، مشيراً إلى استمرار “التعاون العسكري مع 109 دول من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية على الرغم من جميع المحاولات من الغرب الجماعي عزل روسيا”.
هذا وقال إن “التعاون العسكري الدولي يتيح لنا إقامة منتدى الجيش الذي نقيمه سنويا، وقد شهد في هذا العام عقودا بقيمة أكثر من 500 مليار روبل (7 مليار دولار)”، مضيفاً أن “حجم التمويل للقوات المسلحة لهذا العام جعل من الممكن زيادة إمدادات القوات بالأسلحة بنسبة 30%”، معلناً في السياق عن بدء “عمليات التسليم المتسلسلة لصاروخ “تسيركون” البحري فرط الصوتي”.
وأكد شويغو أن “القوات النووية الاستراتيجية نجحت، خلال التدريبات، في تنفيذ مهام توجيه ضربة نووية ضخمة رداً على هجوم نووي من العدو”، معلناً عن “إطلاق المركبة الفضائية السادسة “كوبول” (القبة)، والتي تتيح المراقبة المستمرة للمناطق المعرضة للصواريخ في نصف الكرة الأرضية الشمالي”.
المصدر: روسيا اليوم