بعد قطيعة دامت عشر سنوات بين حركة حماس ودمشق على خلفية موقف الحركة من الحرب السورية، زار وفد من الحركة على رأسه مسؤول العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية ضمن وفد فصائل المقاومة الفلسطينية سوريا، والتقى الرئيس السوري بشار الأسد، حيث جرى النقاش حول نتائج حوارات المصالحة، التي جرت بين الفصائل الفلسطينية في الجزائر خلال الأيام الماضية، وسبل تعزيز هذه المصالحات لمواكبة الحالة الشعبية المتصاعدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المستمرة في الأراضي الفلسطينية.
واعتبر الرئيس الأسد أن أهمية حوارات الجزائر تأتي مما نتج عنها من وحدة الفلسطينيين، وأن هذه الوحدة هي المنطلق في العمل لخدمة القضية الفلسطينية، مشدداً على أن وحدة الصف الفلسطيني هي أساس قوته في مواجهة الاحتلال واستعادة الحقوق، ومشيراً إلى أن كل المحاولات لمحو هذه القضية من وجدان وعقل الأجيال الجديدة في المنطقة العربية وخاصةً في فلسطين لم ولن تنجح، وما يحدث الآن في كل الأراضي الفلسطينية يثبت أنّ الأجيال الجديدة ما زالت متمسكة بالمقاومة.
وأكد الرئيس الأسد أنه وعلى الرغم من الحرب التي تتعرض لها سورية إلاّ أنّها لم تُغيّر من مواقفها الداعمة للمقاومة بأيّ شكلٍ من الأشكال، وذلك انطلاقاً من المبادئ والقناعة العميقة للشعب السوري بقضية المقاومة من جانب، وانطلاقاً من المصلحة من جانب آخر، لأنّ المصلحة تقتضي أن نكون مع المقاومة، فالمقاومة ليست وجهة نظر بل هي مبدأ وأساس لاستعادة الحقوق، وهي من طبيعة الإنسان. وأضاف الرئيس الأسد سورية التي يعرفها الجميع قبل الحرب وبعدها لن تتغير وستبقى داعماً للمقاومة.
وعقب الاجتماع بالأسد، وصف الحية، في مؤتمر صحافي جمع وفد الفصائل، الأخير بـ “التاريخي”، وأنه “يمثل انطلاقة جديدة للعمل السوري الفلسطيني المشترك”، مؤكداً أن “اللقاء دليل على أن روح المقاومة في الأمة تتجدّد”. وتابع الحية أن “لقاءنا بالأسد هو يوم مجيد، ومنه نستأنف حضورنا في سوريا، والعمل معها دعمًا لشعبنا ولاستقرارها”، متوجهاً للاحتلال بالقول “لقاؤنا هو ردّ على مشاريعك”.
وأعلن الحية أن حماس “مع وحدة سوريا، الأرض الواحدة، والشعب الواحد”، مشيرًا في هذا السياق إلى أن الوفد “أكد للأسد أنه مع سوريا ووحدة أراضيها وضد أي عدوان يستهدفها”. وأردف “نطوي أي فعل فردي لم تقره قيادة “حماس””، مؤكدًا أنه “تم الاتفاق مع الأسد على طي صفحة الماضي”، وقائلاً “إننا نستعيد علاقتنا مع سوريا العزيزة بإجماع قيادتنا، وبقناعة بصوابية هذا المسار وتجاوز الماضي”.
وفي السياق، أكد الحية أنه “لم نسمع من أي دولة تحفظاً على عودتنا إلى سوريا بما في ذلك قطر وتركيا”، مضيفاً أن “الأيام المقبلة ستشهد الترتيبات لعودة حماس إلى دمشق”.
بدوره، قال الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة” طلال ناجي “إننا سعداء لعودة العلاقات بين “حماس” وسوريا”، مشيرًا إلى أن “الرئيس الأسد استقبلنا بقلب محب، وأكَّد دعم سوريا ودعمه شخصيًا للقضية الفلسطينية، وفصائل المقاومة الفلسطينية”.
بيان القوى والفصائل الفلسطينية
بيان القوى والفصائل الفلسطينية أعلن أن الاجتماع بالرئيس الأسد تناول آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأضاف البيان أن “المجتمعين أكدوا أن خيار المقاومة هو السبيل الأوحد لاستعادة الحقوق، بينما أكد الأسد على أن وحدة الصف الفلسطيني هي الضمانة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني”. وتابع البيان أن “الأسد جدد تأكيد دعم سوريا للشعب الفلسطيني، في مواجهة العدوان”، كما لفت إلى أن المقاومة “هي السبيل الأوحد لتحرير الأرض”، وأن “القضية الفلسطينية تشكل جوهر الصراع مع العدو الاسرائيلي”.
ولفت البيان إلى أن ممثلي الفصائل الفلسطينية “أكدوا أن صمود سوريا شكّل رافعة في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وأن العدوان الإرهابي ضد سوريا يهدف لتغيير مواقفها تجاه فلسطين”.
يُذكر أن زيارة وفد حماس إلى سورية لم تكن بالمفاجئة، إذ أكدت الأخيرة أمس الثلاثاء أنّ “وفداً من قيادة الحركة سيصل إلى دمشق في زيارةٍ رسمية للمرّة الأولى منذ العام 2012”.
وتأتي الزيارة، حسبما أشار مراسل قناة المنار في دمشق محمد عيد، بعد مفاوضات غير علنية بين الحركة والقيادة السورية، بوساطة من حزب الله، تحديداً أمينه العام السيد حسن نصر الله، ناقشت الخلافات التي غادرت الحركة على إثرها دمشق.
وأعلنت “حماس” في بيان صدر عنها في 15 أيلول/سبتمبر الماضي حمل رسائل وموشرات هامة، في ما يتعلق بالعلاقة مع سوريا، عن استئناف هذه العلاقة، مشيرة إلى أن دمشق “احتضنت الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة لعقود من الزمن”. وذكرت أنّ هذا القرار يصبّ في “خدمة الأمة وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، لا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة”.
وفي تفاصيل الزيارة، سبق أن أعلن مراسل المنار أنه “لن يكون هناك لقاءٌ على حدى بين ممثل حماس والرئيس الأسد، بل سيكون اللقاء ضمن وفد كبير من الفصائل العائد من الجزائر”. ولفت المراسل نقلاً عن أوساط سورية، أن الأخيرة “ترفعت عن الجراح، ونزلت عند خاطر الأمين العام لحزب الله، لما لذلك من انعكاس ايجابي على محور المقاومة ككل”.
هذا وأعقب اللقاء بين الأسد والفصائل اجتماعاً بين كل الفصائل حضره السفير الفلسطيني في دمشق سمير الرفاعي في مقر المجلس الوطني الفلسطيني في منطقة المزرعة لمناقشة عدة قضايا على رأسها عودة العلاقات بين حماس ودمشق، الترتيبات المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية، والترتيبات في قمة الجزائر المرتقبة الشهر المقبل.
يُذكر أن عودة العلاقات “تأتي في توقيت هام جداً”، حسبما أكد القيادي الفلسطيني البارز خالد عبد المجيد، قائلاً “إننا نشهد انتفاضة غير مسبوقة في الضفة الغربية، إذ ربما تمهد المصالحة بين الفصائل وبين حماس وسورية لانتفاضة كبيرة ينتظرها الشعب الفلسطيني”، مضيفاً أنه “لم يكن هناك شروط مسبقة لعودة العلاقات بين حماس والنظام السوري”.
المصدر: موقع المنار