إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليل الثلاثاء، جمعت كالعادة على الشاشات، جماهيرَ من لبنان وخارجه، بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، وتباشير ولادة الأمل بدخول لبنان نادي الدول النفطية، هذا الأمل الذي اعتبره سماحته مراراً، أنه الوحيد الباقي لدى اللبنانيين لإنتشال أنفسهم ووطنهم من هاوية الكارثة الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية، ويُترك تقييم حجم الإيجابيات التي أفضت إليها مفاوضات الترسيم، لما بعد التوقيع الخطي على ما تُعتبر “وثيقة تقاسم” أو أية تسمية أخرى، يتمّ إيداعها لدى الأمم المتحدة، ولا تحمل حُكماً صفة إتفاقية أو معاهدة.
وإذا كان السيد نصرالله قد استخدم في كلمته عبارة أكل اللبنانيين للعنب، ولم يتناول الناطور، فإن متابعي كلمته كانوا أكثر من العادة، ولم تقتصر المتابعة الخارجية الكثيفة على كيان العدو هذه المرة، لأن اهتمام وكالات الإعلام والمحطات الإخبارية الأوروبية بهذه الكلمة بالذات، أظهر أن الأوروبيين الذين يُعانون أكثر من سواهم على مستوى العالم من أزمة الطاقة، ينتظرون كما النواطير نتائج إفراج المفاوضات عن الغاز الموعود من حقل كاريش.
وبصرف النظر عن كل الظروف الدولية التي واكبت مفاوضات ترسيم الحدود، سواء كانت نتاج الحرب الروسية الأوكرانية، أو إنعكاساً للعقوبات الأميركية على روسيا، التي تبين لغاية الآن أنها أشبه بالبندقية التي تُطلِق الى الخلف، وأنها آذت أميركا وأوروبا قبل سواهما، فإن الشتاء الأوروبي باتت ثلوجه على الأبواب، ولا يُلام الأوروبيون لو انتظروا الغاز من كاريش أو من أي حقلٍ آخر، بل الملامة على مَن أخطأوا التقدير من النواطير في الداخل اللبناني، وراهنوا حتى الرمق أن لبنان لن يجني عنباً من قانا، رغم أنهم يدركون، أن حقل قانا كما كل حقول وكروم وسهول لبنان قد ارتوى بدماء الشهادة…، وأزهر خيراً، ولم يأتِ الخير بالمجَّان ولا أتانا محمولاً على بساط الريح.
ولأن الإنجاز المُرتقب لدخول لبنان نادي الدول النفطية بدءاً من حقل قانا، يُرتِّب على كافة الفرقاء اللبنانيين من أعلى الهرم الى القاعدة مواكبة العمل الجاد لتهيئة الأرضية الوطنية الحاضنة لهذا النصر الجديد، ما دام حصاد البيدر لجميع اللبنانيين، وحقول النفط والغاز، سواء في البحر أو البرّ للجميع سواسية، فلا بأس لو استنفرت سواعد وعقول مواردنا البشرية اللبنانية للعمل بدل أن يبقى البعض نواطيراً للرهانات الخائبة في كل استحقاقٍ وطني.
نقول هذا ونحن في غاية الإطمئنان، سواء كانت خيراتنا في البحر أم أموالاً في صندوقٍ سيادي، أن المقاومة التي واكبت مسار المفاوضات على عين الإسرائيلي وبعيداً عن أعيُن الإعلام كما قال سماحة السيد نصرالله، كفيلة بالتعاون مع كل الخيِّرين والشرفاء في هذا البلد، أن تواكب كل خطوة استكشاف وتنقيب واستخراج وتصدير وإيراد، وضمان العدالة في توزيع ما هو “دخل قومي” مُرتقب مستقبلاً، عبر مؤسسات يُفترض أن تكون ذات مصداقية، لأن عِنَب قانا ليس غازاً في بحر، بقدر ما هو دموع في مُقَل على دماء نزفتها أجساد شهداء من لبنان، والرحمة لروح كل شهيد مع كل “حبَّة عِنَب” يتناولها لبناني من حقل قانا…
المصدر: موقع المنار