28-03-2024 10:32 PM بتوقيت القدس المحتلة

الجامعات المصرية نحو محاكم التفتيش

الجامعات المصرية نحو محاكم التفتيش

ووصفت مؤسسة «حرية الفكر والتعبير» المقترح والموافقة عليه داخل مجلس الوزراء اعتداءً جسيماً على استقلال الجامعة، مؤكدة أن مناقشة أي من القضايا المتعلقة بالجامعات يجب أن تتم أولاً بين أعضاء المجتمع الأكاديمي

الجامعات المصرية نحو محاكم التفتيشاتسعت ردود الفعل الرافضة لتعديل مجلس الوزراء المصري قانوني «تنظيم الجامعات المصرية» و«تنظيم الأزهر وهيئاته»، إذ اعتبرتها الحركات الأكاديمية المطالبة باستقلال المؤسسات العلمية «خطوة سلطوية خطيرة على المجتمع». 

مدحت صفوت/ جريدة الأخبار

تعاني مصر طوال السنوات الماضية من تراجع ملحوظ في الحريات الأكاديمية، إذ تفرض المؤسسات الأمنية قيوداً على عمل الأستاذ الجامعي.

كما انتشرت حالة من التكلس العلمي أدت إلى عدم التحاق أي جامعة مصرية بأفضل 500 مؤسسة علمية على مستوى العالم وفق التصنيفات الدولية. وبدلاً من السعي نحو إطلاق مزيد من الحريات لتحقيق النهضة المرجوة، واتساقاً مع ما صرّح به الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته مساء الأحد الماضي في «جامعة القاهرة» حول تطلعه إلى منظومة تعليمية وتكميلية تفتح أبواباً تنويرية، تأتي تعديلاتُ القانونين مسلطة سيف «العقوبات» على الباحثين، كأمر عسكري موجه لحرية البحث العلمي.

عزل كل من «يرتكب فعلاً يتعارض مع حقائق الإسلام الثابتة»!

وكانت التعديلات شملت إطلاق يد رؤساء الجامعات المُعينين من قبل رئيس الجمهورية، في فصل أعضاء هيئات التدريس حال الاشتراك في «تظاهرات تؤدي إلى عرقلة العملية التعليمية أو تعطيل الدراسة أو منع أداء الامتحانات أو التأثير فيها أو التحريض أو المساعدة على ذلك». وقد حوت تلك التعديلات اتهامات «فضفاضة» كارتكاب «الأفعال المخلة بشرف عضو هيئة التدريس» من دون تحديد دقيق لجوهرها. ورفضت «حركة 9 مارس ــ مجموعة العمل من أجل استقلال الجامعة» التعديلات «الخطيرة على المجتمع بكامله، والمقلصة للدور المجتمعي للمؤسسة العلمية»، مطالبة بالتراجع عنها.

وأفصحت الحركة، التي تأسست العام 2003 لمكافحة تدخل السلطات التنفيذية والأمنية فى شؤون الجامعات، عن تحركها لتسليم بيان بموقفها إلى رئيس الجمهورية. الموقف نفسه التزمته «النقابة المستقلة لأعضاء هيئات التدريس» في بيان وقع عليه نحو 130 أكاديمياً من مختلف الجامعات. ووصفت مؤسسة «حرية الفكر والتعبير» المقترح والموافقة عليه داخل مجلس الوزراء اعتداءً جسيماً على استقلال الجامعة، مؤكدة أن مناقشة أي من القضايا المتعلقة بالجامعات يجب أن تتم أولاً بين أعضاء المجتمع الأكاديمي في مجالس الأقسام في الجامعات لا من خلال قرارات ومقترحات فوقية من السلطة التنفيذية.

ويمثّل التعديل الأخير التدخل الثالث للحكومة المصرية في القانون خلال عام واحد، منها فصل الطلاب من دون تحقيق، تبع ذلك إلغاء الانتخابات للقيادات الجامعية. كما أنه مخالفة واضحة للمادة رقم 23 من الدستور المصري التي تلزم الدولة «كفالة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية»، بينما تسعى السلطات إلى إجراءات تكمم الأفواه وتضيّق على الحريات الشخصية والعامة.

أما «مؤسسة الأزهر» فقد ذهبت أبعد من ذلك، إلى إغلاق باب الاجتهاد والبحث الفقهي، إذ نصّ قانون الجامعة على عبارة «عزل كل من يرتكب فعلاً يتعارض مع حقائق الإسلام الثابتة...»! ما يعني أن مصر قد تشهد «محاكمات تفتيش»، تحت بند اعتبار أي بحث علمي عملاً يتعارض مع ثوابتَ الدين، كما حدث مع الراحلين نصر حامد أبو زيد (2010) وعبد الصبور شاهين (2010).

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه