28-03-2024 11:03 PM بتوقيت القدس المحتلة

العدوان على غزة.. انتهاكات بالجملة بتغطية اميركية

العدوان على غزة.. انتهاكات بالجملة بتغطية اميركية

لا يحتاج الاجرام الاسرائيلي في قطاع غزة الى كثير من الايضاح لتبيان مدى فظاعته، كما لا يحتاج ذبح الاطفال والنساء الى تفسير ومزيد من الشرح لاثبات انه ارهاب وقتل عمد مخطط له.

لا يحتاج الاجرام الاسرائيلي في قطاع غزة الى كثير من الايضاح لتبيان مدى فظاعته، كما لا يحتاج ذبح الاطفال والنساء الى تفسير ومزيد من الشرح لاثبات انه ارهاب وقتل عمد مخطط له مع حشد كل الطاقات العسكرية الاسرائيلية بما يفترض ان يؤدي الى محاسبة من يقف وراءه من سياسيين وعسكريين وامنيين قادة وافرادا، وليس من الصعب التوصل الى ان جرائم قتل الابرياء المدنيين الصائمين في شهر رمضان المبارك في منطقة جغرافية محاصرة باتت أشبه بـ"السجن الكبير"، هي جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب تحتاج الى معاقبة الكيان الذي يرتكبها وكل من اعطى امرا لتنفيذها.

وليس غريبا ان ينتقد البعض عدم جدوى القانون الدولي في حماية المدنيين لا في زمن السلم ولا في زمن الحرب، مع الاشارة الى ان المشكلة ليست في القانون نفسه بل في من يطبقه ويعمل على تسييسه وتحويره تحقيقا لمصالحه ومصالح بعض الدول التي تحيك المؤامرات على حساب الشعوب المستضعفة، دون اي اعتبار لحقوق الانسان او لمبادئ قانونية دولية او محلية او احترام لأعراف اخلاقية او تعاليم دينية، فعندما يتحول الهدف الى تحقيق غايات بعض الدول ايا كانت الوسيلة يصبح القانون لا يعبر الا عن نظرة هذه الدول، ويبدأ عندها الكيل بمكيالين وتطبيق ازدواجية المعايير على كل شيء.

فما يكون مقبولا في بلد لا يقبل في بلد آخر، فالقتل في غزة "امر مباح" الا انه في امكنة اخرى جريمة يعاقب عليها القانون، والصمت الرسمي العربي مرحب به وهو شيء محمود أمام العدوان الهمجي البربري الصهيوني على غزة بينما الصوت العربي الرسمي يهدر في ادانة تظاهرة لشعب يطالب فيها بإعطائه حقوقه كأولوية على استضافة سباق "الفورمولا -1".

اي مسؤولية يتحملها العدو الصهيوني عن جرائمه في غزة؟ وما هي مسؤولية المنظمات الدولية والاقليمية؟

فأي مسؤولية تتحملها الدول الصامتة عن القتل والاجرام والارهاب الاسرائيلي في غزة؟ هل تتحمل هذه الدول مسؤولية اخلاقية ام قانونية ام ان هذا الامر عادي جدا؟ ما هي مسؤولية الدول العربية والغربية في هذا المجال؟ واين مسؤولية المنظمات الاقليمية والدولية لا سيما جامعة الدول العربية والامم المتحدة؟ ألا يشكل كل ما يرتكبه العدو الصهيوني في غزة انتهاكا للسلم والامن الدوليين؟ وما هي مسؤولية العدو الصهيوني نفسه بحسب القانون الدولي؟ وهل هناك أي توصيف للجرائم المرتكبة في غزة؟ وماذا عن الحصار الذي يرزح تحته القطاع منذ سنوات ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ وهل المسؤولية في ذلك تقع فقط على العدو ام أن هناك دولا عربية عليها مسؤولية ايضا في هذا الملف؟

حول كل ذلك توجهنا الى الخبير في القانون الدولي الدكتور حسن جوني الذي اشار الى جملة ما يرتكبه العدو من افعال في غزة، لافتاً الى ان "هذا العدو يقوم بالقصف العشوائي بالاضافة الى قصف مركّز يستهدف من خلاله المدنيين والاماكن المدنية والمستشفيات ودور العبادة وسيارات الاسعاف والاماكن الثقافية والاثرية والمزروعات... وغيرها "، واضاف "هذا الامر لدى العدو عادي وليست المرة الاولى التي يرتكب بها مجازر بحق الشعب الفلسطيني لكنه اليوم يستخدم كافة الاسلحة الممنوعة والمسموحة ايضا وهو-اي العدو- يجرّب نوعاً جديداً من الاسلحة وهو يعلن ذلك ويعتبر غزة حقل تجارب وكل ذلك خدمة لتجارة الاسلحة".

 جوني: جرائم "اسرائيل" في غزة تنتهك كل قواعد وأعراف القانون الدولي العام

وأكد جوني في حديثه لموقع قناة المنار ان "الجرائم التي ترتكبها اسرائيل قي قطاع غزة تنتهك كل قواعد وأعراف القانون الدولي العام، أعراف وقواعد القانون الدولي الانساني، قواعد واعراف القانوني الدولي لحقوق الانسان، المبادئ العامة لهذه القوانين، وتنتهك ايضا ميثاق الامم المتحدة، تنتهك اتفاقية جنيف لعام 1949، معاهدة لاهاي 1954 لحماية الاماكن الثقافية، تنتهك اتفاقية 1980 لمنع استعمال بعض الاسلحة، تنتهك الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وغيرها الكثير من المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان وبالقانون الدولي الانساني".

وشدد جوني على ان "الأفعال التي يرتكبها العدو في غزة تشكل عدة جرائم هي: جريمة عدوان، جريمة حرب، جريمة ضد الانسانية، جريمة ارهاب، جريمة تعذيب، جريمة ابادة ففي فلسطين ابادة جنس، جريمة انتهاك حقوق الانسان"، واشار الى ان "اسرائيل منذ اغتصابها لفلسطين ورغم كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني لم يحاسب اي مسؤول اسرائيلي عن افعاله"، واضاف ان "القانون الدولي قانون جيد وعلى اساسه يجب محاكمة المجرمين لكن اسرائيل هي دائما بحماية الدول الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية التي تحميها في كل المحافل السياسية والدولية والقضائية ايضا".

ولفت جوني الى ان "المجرم يحتمي بمجرم اكبر منه"، واعتبر ان "الدول التي يسميها البعض صامتة هي ليست كذلك، بل هي دول حليفة متآمرة على الشعب الفلسطيني وهذا الكلام ليس كلاما سياسيا بل هو كلام قانوني فهذه الدول شريكة لانها تغطي العدوان على غزة سياسيا وماليا واقتصاديا وعسكريا"، واكد جوني ان "على هذه الدول مسؤولية بالنسبة للعدوان على غزة فهذه الدول إما تحرّض وتشجع على العدوان او تدعم اسرائيل للقيام بالعدوان"، مذكرا ان "السلاح الذي يقتل به الشعب الفلسطيني هو اما صناعة اميركية واما صناعة بريطانية".

وفي إطار سؤالنا عن دور الجامعة العربية والامم المتحدة حول ما يجري في غزة، رأى جوني ان "المنظمات الدولية او الاقليمية لا تقوم بدورها لان هناك سيطرة اميركية عليها"، وانتقد "امتناع الجامعة العربية عن تطبيق ميثاقها الذي ينص على التكاتف لصد اي عدوان قد تتعرض له اية دولة عربية"، واشار الى ان "بعض القادة العرب يعملون لتفتيت العالم العربي بينما لا يتحركون لصد العدوان عن غزة بل يدعمون ذلك لتصفية القضية الفلسطينية".

وحول الحصار المستمر الذي يتعرض له قطاع غزة، قال جوني إن "الوضع القانوني لقطاع غزة بحسب القانون الدولي العام كما أقرته محكمة العدل الدولية في رأي استشاري لها، بأن غزة تعتبر من الاراضي الفلسطينية المحتلة بعد العام 1967 والتي لا زالت تعتبر محتلة من قبل اسرائيل ويجب تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على هذه الاراضي وهذه الاتفاقية تنص انه على المحتل ان يؤمن الاستقرار الغذائي ويسمح بدخول كل ما هو ضروري للسكان المدنيين من مأكل ومشرب ودواء وكل ما هو ضروري للعبادة"، لافتا الى ان "العدو يشن عدوانه في ظل شهر رمضان المبارك دون تمييز بين اوقات الافطار وبين اوقات العبادة لدى الصائميين في غزة"، مؤكدا ان "اسرائيل تنتهك القانون الدولي وهي بحسب هذا القانون هي مجرمة".

وبالنسبة لملاحقة كيان العدو وقادته عن جرائمهم في غزة وغيرها، لفت جوني الى ان "هناك صعوبة لملاحقة المسؤوليين الصهاينة امام المحاكم الدولية وكذلك هناك صعوبة لملاحقة الكيان الصهيوني امام محكمة العدل الدولية ولكن هذا لا يعني السكوت عن جرائم العدو بل يجب ملاحقة هؤلاء امام ضمير البشر وضمير الانسان حر لذلك فإن محاكم الضمير ضرورية والاعلام ضروري لفضح ممارسات وجرائم الصهاينة واظهار ان هؤلاء ليسوا بشرا الا من حيث الشكل".

واوضح جوني ان "هناك صعوبة عملية لملاحقة اسرائيل وقادتها على الصعيد الدولي وذلك لاسباب عديدة منها ان شروط محاكمة اسرائيل امام محكمة العدل الدولية او امام المحكمة الجنائية الدولية لا تتوافر في الوقت الحالي لعدم انضمامها لاتفاقيات هاتين المحكمتين وإما لان هناك دعما اميركيا للعدو داخل الامم المتحدة وخاصة في مجلس الامن"، ولفت الى انه "يمكن ملاحقة قادة العدو امام محاكم الدول التي تسمح بالاختصاص الدولي امامها وإما ملاحقتهم أمام لجان حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة وهي لجان غير قضائية وقراراتها غير ملزمة"، داعيا "لفضح ممارسات هذا الكيان امام الراي العام الدولي وعدم الاعتماد على العدالة القضائية الدولية التي تتعرض لضغوط سياسية كثيرة بل الاعتماد على العدالة الحقيقية التي تتمثل بتحرير كل اراضينا المحتلة".

يبقى ان نشير الى ان كل التجارب مع العدو الصهيوني أثبتت انه لا يفهم الا لغة القوة، فمنذ بدء إنشاء هذا الكيان الغاصب كان يتمادى بإجرامه وغطرسته من دون رادع، ولم تقف هذه العدوانية إلا حين بات يدرك هذا العدو ان هناك من يوجعه اذا ما فكر بالاعتداء وبات يحسب ألف حساب قبل الاقدام على اي خطوة، وهذا ما يؤكد ان الشر لا يرده إلا القوة والاعتداء لا يرده إلا المقاومة، وهذا ما تدلل عليه انتصارات المقاومة المتتالية منذ العام 2000 مرورا بانتصار تموز 2006 وصولا الى غزة في تموز 2014، ما يترجم عمليا مقولة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "ولّى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات".