29-03-2024 02:17 AM بتوقيت القدس المحتلة

معركة القلمون.. كيف نجحت وماذا حققت؟

معركة القلمون.. كيف نجحت وماذا حققت؟

ما هي الجماعات التي كانت تتواجد في جرود القلمون وما هي قوتها وما هي مخاطر وجودها؟ لماذا كان لا بد من هذه المعركة؟ وما تقييم الاستراتيجية التي اعتمدها الجيش السوري والمقاومون؟

 احمد شعيتو

تحدث كثيرون عن معركة جبال القلمون المنتظرة ومتى ستبدأ وعن اهميتها.. ولا شك ان معركة القصير 2013 ويبرود 2014 وقارة والنبك ورنكوس واخواتها ضربت معاقل كبرى للمسلحين ونقطة تمركز وعمق استراتيجي وسيطرة في منطقة جغرافية هامة وحساسة وهي كانت الانجاز الكبير الاول.. انجاز كان لا بد من استكماله ولو بعد حين. انتقل جزء كبير من المسلحين الفارين حينها الى جرود القلمون بجانبيها السوري واللبناني وانضموا الى مسلحين كانوا موجودين هناك ايضا في الزبداني وعسال الورد وفليطة وغيرها، وفي الجانب اللبناني كان حزب الله يرصد هذه الجماعات منذ ذلك الحين كما ان للجيش اللبناني دوره في الرصد والاستهداف.

ما هي الجماعات التي كانت تتواجد في جرود القلمون وما هي قوتها وما هي مخاطر وجودها؟  لماذا كان لا بد من هذه المعركة؟ وما  تقييم الاستراتيجية التي اعتمدها الجيش السوري والمقاومون في التقدم في تلك المنطقة الجغرافية الصعبة والمهمة؟ هل هناك ما يقلق "اسرائيل" من انجازات القلمون؟

اسئلة عديدة تثار بموازاة هذه المعركة التي تتوالى فصول انجازات المقاومة والجيش السوري فيها وصولا الى الحسم القريب.

قبيل المعركة قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان المعركة ستتحدث عن نفسها وفعلاً تحدثت عن نفسها بقوة، فقد بدأت في اليوم الاول الاخبار تتوارد عن تقدم ما ، ولكن في الايام التي تلت كان التقدم سريعا ومهولاً وفاجأ المسلحين.. لقد اثبت تخطيطا عالي الدقة وقدرة ميدانية كبيرة.

لماذا كانت المعركة؟

كان هؤلاء المسلحون يسيطرون على تلال عالية جدا وكاشفة واستراتيجية ولا شك انه في العلم العسكري من المعروف ما هي اهمية السيطرة على التلال العالية في موازين الحرب والتقدم والرصد والسيطرة والتهديد والغلبة..

لقد هدد هؤلاء بحرب ضد الحدود اللبنانية عند ذوبان الثلوج وذكر حينها السيد نصر الله ان هناك خطرا لا يزال ماثلا، وكان لذلك لا بد من عمل ما يردعهم ويبعدهم. ولِمن يهاجمون المقاومة ويتساءلون عن سبب دخولها في معركة ضد هؤلاء التكفيريين الارهابيين، الم يسمعوا التهديدات بل ألم يروا السيارات التي تعد للتفخيخ تحمل اللوحات اللبنانية، وقبلها الم يشهدوا على تفجيرات طالت مختلف المناطق وراح ضحيتها العشرات؟

بحسب الخبير العسكري اللواء هشام جابر في حديث لموقع المنار "فتواجد هؤلاء المسلحين بقي جرحا مفتوحا يعاني منه لبنان وسوريا معا:

-في الموضوع اللبناني هناك تداعيات لوجود هؤلاء على الوضع اللبناني وخطف العناصر ووجود الجيش دائما بحالة تاهب والمناطق اللبنانية تعرضت من وقت لاخر لقصف صواريخ على المنطقة الشرقية وهناك احتمال هجوم في اي وقت..

-بالنسبة لسوريا هي شوكة في خاصرة دمشق تهدد اذا بقوا وتوسعوا بوجودهم، طريق دمشق- حمص ودمشق- بيروت. لذا كان لا بد من القيام بعمل ما بوجه ذلك".

ولا شك ان المسلحين كما تبين في عدة مراحل يحققون مصلحة اسرائيلية خاصة في الجنوب اما في تلك المناطق التي تتضمن تلالا استراتيجية فإنها تشكل نقطة جغرافية حساسة تقع على حدود لبنان واي تكريس لوجود المسلحين وسيطرة مستمرة عليها وهم غير معادين "لاسرائيل" بل ثبت ان هناك تعاونا بينهم وبين "اسرائيل" لا شك سيضر مصلحة لبنان والمقاومة ويشكل تهديدا اضافيا عند اي عدوان صهيوني.

 
انجازات.. واستراتيجية فعالة

-تمكن المجاهدون من تدمير غرف عمليات الارهابيين التي كانت تشكل تهديدا للبنان

-سيطروا على جغرافيا واسعة تقدر حوالي 300 كلمتر مربع 

-سيطروا على تلال استراتيجية هامة في جغرافيتها وموقعها وارتفاعها الكبير ويشير اللواء جابر الى ان "السيطرة على التلال العالية مهمة جدا والمواقع التي لم يتم السيطرة عليها حضورا هناك سيطرة عليها اشرافا وسيطرة بالنار".

- الحاق خسائر فادحة في المسلحين بالارواح والعتاد

- دخول الى معاقل المسلحين المحصنة في الجبال ومخازن اسلحتهم

-سيطرة على المعابر المتبقية التي كانت ممرا للمسلحين على الحدود من لبنان الى سوريا وبالعكس

-كشف سيارات مفخخة كانت تعد للتفجير.

ما العناصر الفعالة في هذا التقدم السريع؟

بحسب اللواء جابر فالمسلحون "افترضوا ان لا احد سيأتي اليهم ويجتاح مقارهم، ولكن كان عنصر المفاجأة ضدهم اساسيا".

-كذلك كان عنصر الشجاعة، و كان هناك تخطيط ناجح جدا.

- بأقل خسائر ممكنة، تم انجاز السيطرة على  60% من المناطق بالنسبة الى بقعة العمليات".


من هم المسلحون وما هو عددهم وقدراتهم؟

في نظرة على طبيعة الجماعات في هذه المنطقة وعديدها وعتادها يقول جابر:

-على الجانب اللبناني معظمهم من النصرة والبعض من داعش، وفي سوريا بعضهم داعش ولكن اكثرهم من النصرة ومن فصائل جيش حر مختلفة.

-بالنسبة للعديد لا رقم محسوما ولكن هناك تقدير انهم في لبنان  حوالي 3000 وفي سوريا -ما عدا الزبداني- 4000 او 5000 وفي الزبداني يقدرون بحوالي 1500.

-تسليح هذه الجماعات ممتاز.. وتبيّن ان لديهم اسلحة متطورة وصواريخ مضادة للدروع.

-هؤلاء كانوا يتزودون بالغذاء اللازم وعندهم ذخيرة كثيرة وكان لديهم مغاور وكهوف في المنطقة السورية والجرود اللبنانية مكدسة فيها الذخائر".

هذا التعداد لارقام وتجهيز المسلحين يؤكد بشكل اضافي حجم الانجاز الذي تم ويتم وخاصة في مناطق جغرافية صعبة.

نظرة "اسرائيل" للمعركة

هذه القدرة وهذا التقدم اثبت مرة اخرى قدرات للمقاومة تراكمها في موضوع السيطرة على المناطق، وبعد تجربة القلمون ومدنها كان لتجربة جرود القلمون الوعرة والجرداء كلمتها، فالتقدم والانجازات وسرعة السيطرة اعادت مجددا الى الاذهان قدرات المقاومة في تنفيذ تهديد السيطرة على الجليل من ضمن المعادلات الكبرى التي تحدث عنها تباعا السيد نصر الله، وهذا ما يجعل الاسرائيلي يحسب كل حساب لأي حرب مقبلة ليضاف ذلك الى معادلات الردع التي اطلقتها المقاومة على لسان الامين العام والتي جعلت الاسرائيلي يفكر اكثر واكثر قبل الاقدام على عدوان.
يضاف الى ذلك انه قد انقلب السحر على الساحر في موضوع رهان الاسرائيلي على استنزاف حزب الله في سوريا ولكن رغم الشهداء الذين سقطوا ليفدوا لبنان ويساهموا في عدم سقوط المنطقة بيد "اسرائيل" وادواتها فإن حزب الله شارك حيث يجب ان يشارك واثبت قدرة وكسب قدرات كبيرة وساهم بدوره الكبير في الوقت نفسه بمنع سقوط لبنان وسوريا بيد جماعات معادية للمقاومة ومبدأ المقاومة ومتحالفة مباشرة تارة وضمنا تارة اخرى مع العدو.

في هذا الجانب يقول الخبير في الشؤون الاسرائيلية علي حيدر لموقع المنار "ان هناك صمتا اسرائيليا حول القلمون ولا تعليق على المستوى السياسي و العسكري اما على المستوى الاعلامي فبعض وسائل الاعلام تغطي في سياق تغطية خبرية ولكن تتبنى رؤية الاعلام المعادي للمقاومة في موضوع القلمون".
واعتبر ان "الاسرائيليين غير معنيين ان يعطوا موقفا حول القلمون ولكن لا شك انهم يراقبون ما يحصل ففي موضوع القلمون حزب الله له اليد العليا، فماذا سيقولون"؟
واضاف: لا شك انه منذ منطقة القصير وحتى في اصل مشاركة حزب الله في سوريا وامتلاكه خبرات واظهار قدرات،  ينظر الاسرائيلي بلحاظ ما سيتعرض له مستقبلا وبالتالي كثير من المعلقين لما كانوا يتحدثون عن قدرات حزب الله ولا سيما في اي معركة لها علاقة بالجليل كانوا يتحدثون عن طريقة ادارة حزب الله للمعركة ونوعية الاسلحة والتنسيق بين قواه.. كل هذه الامور يتابعها بقلق كبير وفي عين المستقبل في ما ينتظر الجليل في اي معركة مع حزب الله خاصة انه يأخذ التهديد على محمل الجد.

واكد حيدر "ان معركة القلمون تقلق "اسرائيل" و تراقبها وتستخلص العبر منها فالانجازات في تلك المنطقة الجبلية والوعرة التي تفوق بكثير وعورة منطقة الجليل تثير القلق الاسرائيلي".
ويعتبر حيدر "ان هذه المنطقة ليست على الحدود مع فلسطين لذا لا يعني "اسرائيل" كثيرا من يسيطر اكثر لكن تعنيها بالمنظور الاستراتيجي في أمرين:
-عندما ينجح حزب الله ان يسيطر على هذه المنطقة الجبلية الكبيرة وأن يكتسب خبرات وقدرات جديدة هذا يضيف الى قدرات حزب الله و يرفع منسوب القلق الاسرائيلي.
-من جهة اخرى يرفع منسوب الردع ل"اسرائيل" ولو بطريقة غير مباشرة واذا كان يعد الاسرائيلي للعشرة فانه سيعد للمئة بعد ما رآه من قدرات حزب الله، بمعنى ان هناك لحزب الله مناورة حية بشكل كبير جدا واسرائيل دائما تنظر الى اي امر بما يشكل لها من مخاطر".

مما سبق يظهر ان هناك تداعيات كبيرة لنجاحات معركة القلمون التي حصلت واستراتيجية متقدمة جدا ونتائج على اكثر من صعيد.. ولا شك ان سقوط مواقع المسلحين في تلك المناطق يسقط آخر الرهانات من قبلهم ومن قبل مؤيديهم وداعميهم على الضغط على لبنان واهله وعلى المقاومة والجيش وقطع يد هؤلاء عن اي رهان على عبث مستقبلي بالساحة اللبنانية، وله آثار مهمة على الصعيد السوري، وما حصل حتى الآن في جرود وتلال وجبال القلمون قد حقق اغلب الخطوات الكبيرة للمعركة، على أمل وتوقع بالنهاية المبشرة.