28-03-2024 03:46 PM بتوقيت القدس المحتلة

المشهد الأخير: اعداد واخراج الشهيد حسن عبدالله

المشهد الأخير: اعداد واخراج الشهيد حسن عبدالله

هنا حديث لزملاء الشهيد حسن عبدالله، الممثلين الذين رافقوا حسن في شغفه، شغف الاخراج

من هم الشهداء؟ أين تكمن الإجابة؟

من الصعب تحصيلها كاملة خصوصاً أن المسألة تتعلق بمن مكثوا في الظل، ظل القضية الأجمل والأشمل : قهر الظلم ونصرة المظلومين.

ننظر في ملامح الشهيد حسن عبدالله، شهيد المقاومة و"المنار" والفن الجميل، يحضر السؤال مرة أخرى، نبحث عن الجزء الأول من الإجابة في حديث الزملاء الممثلين الذين رافقوا حسن في شغفه، شغف الاخراج، تحديداً اخراج بعض ما شهد عليه خلال عمله كمصور في الإعلام الحربي التابع للمقاومة في تسعينيات القرن الماضي، فكانت النتيجة أفلاماً ثلاثة: "نقطة فداء"، "طيف اللقاء"، و"ذات مطر"، هنا استحال المقاوم فناناً، وهنا أبدع ايضاً.

لم تنطفئ كاميرا الشهيد حسن عبدالله. أراد لها أن لا تنطفئ، حتى بعد استشهاده أثناء توثيق العمليات العسكرية التي كان يقوم بها الجيش السوري واللجان الشعبية شمال حلب. كان يخبر الشهيد حسن الممثل اللبناني علي سعد، الذي اختبر العمل معه في فيلميه "طيف اللقاء" و"نقطة فداء"، أنه أثناء عمله كمصور في الإعلام الحربي لم يكن من المسموح ابداً للكاميرا أن تنطفئ، كانت مهمته ابقاءها على قيد الحياة، والاستمرار بالتقاط لحظات هزيمة العدو الاسرائيلي، "حتى لو تطلب الأمر تركها والاشتباك مع العدو، وقد حدث ذلك أثناء عمليتين ضد العدو الإسرائيلي، حيث تحوّل حسن من مصور إلى مقاتل"، يخبرنا سعد. وقتها أتقن حسن المهمة، لكنه استمر بتوثيق لحظات الانتصار على العدو باتقان ايضاً، كمخرج ، ثم كشهيد.

يُجمع الممثلون علي سعد، وختام اللحام، التي عملت ايضاً مع الشهيد حسن عبدالله في فيلميه "طيف اللقاء" و "نقطة فداء"، وهاكوب ديجرجيان، أن حسن يمثل نموذجاً لانسان آمن بقضية وجسدها في كل وجوه حياته، وفي هذا اجابة واضحة على سؤال قد يطرحه البعض: هل يعيش المقاوم الحياة بوجوهها الكثيرة؟

تؤكد الممثلة ختام اللحام أن "حسن لم يكن مقاوماً فقط بالبندقية كان مقاوماً ايضاً بالكاميرا، كنت أشعر بصدقه في كل لقطة"، لافتة إلى أنها لم تكن تعلم عن عمل حسن في الإعلام الحربي، فكل ما كانت تعرفه أنه "مخرج شاب وموهوب، يتابع عمله بدقة من الألف إلى الياء، كما أنه تميز بصدقه وهدوئه وتواضعه أثناء العمل، لقد كان يشعرنا أننا أصدقاء نتشارك لإنجاز عمل نحبه".

بالرغم من أن حسن نفسه قد جسّد دور البطولة في المشهد الأخير من حياته، شهيداً، لكن تلك كانت النهاية الأمثل، برأي زملائه، لشخص "لم يتعارض حبه للشهادة مع حبه للحياة، فقد عمل حتى اللحظة الأخيرة، وقد كان يخبرهم بالقصص الكثيرة التي كان يريد تحويلها إلى أعمال سينمائية"، واحدة منها كانت قصة حدثت عام 1988 في جنوب لبنان كتبها حسن تحت عنوان "الطربونة"، وسوف يتم تحويلها إلى فيلم موقع باسم حسن عبدالله كتحية له، بحسب مدير مركز بيروت الدولي للانتاج الفني بلال زعرور.

عمله لفترة طويلة برفقة المقاومين على الجبهات، أضاف الكثير لشخصية حسن المخرج والفنان، فقد "اضفى نوعاً من الحرفية والصدق على اعماله"، يقول الفنان علي سعد، موضحاً أنه "في فيلم طيف اللقاء كان حسن يدرب الشاب الذي اخذ دور مصوّر في الاعلام الحربي على كيفية حمل الكاميرا، كيف يمشي، وكيف يصوّر، كان يقول إن هناك عين للكاميرا وعين تراقب الطريق، كان يحاول نقل تجربته للممثل ليكون اداؤه أكثر احترافاً".

الزئبق، هكذا كان يحلو للممثل علي سعد أن يناديه. يشرح أنه "كان ضعيفاً وليناً، يستطيع التنقل بليونة وسرعة ملفتة أثناء العمل"، كما أنه كان يمتلك طاقة كبيرة يتابع سعد "طوال اربع وعشرين ساعة، كنا نصوّر في أحد المرات في مليتا من الساعة الخامسة فجراً، المصور كان على وشك النوم، والمسؤول عن الصوت ايضاً، لكن حسن كان الأكثر نشاطاً".

باهتمام كبير، يستمع الممثل هاكوب ديجرجيان إلى حديث زملائه عن حسن عبدالله الشهيد والمخرج، لم يعمل ديجرجيان مع حسن، لكنه أحب المشاركة في الحديث عنه "كتحية لشخص، قدم فناً ملتزماً، وكانت شهادته نوعاً من الفن الأصيل". يؤكد ديجرجيان أنه كان حريصاً على حضور هذا اللقاء الذي جمع ممثلين عملوا مع حسن للقول إنه"بالرغم من أن بعض ما آمن به الشهيد حسن لا يعني بشكل مباشر الكثير من الفئات الأخرى، لكن اذا نظر هؤلاء عن كثب الى الأمور سيدركون أنهم يعيشون في هذه الحياة بكرامة وبأمان في منازلهم لأن هؤلاء الشهداء قد استشهدوا".

عقب استشهاده، علم الممثل علي سعد أن عدسة المخرج حسن عبدالله التقطت أهم المشاهد التي تؤكد أن "اسرائيل" عدوٌ يُقهر، فأدرك وقتها أنه "كان محظوظاً بالوقوف أمام العدسة نفسها"، التي وقف خلفها ايضاً الشهيد القائد الحاج عماد مغنية.

هو نفسه حسن عبدالله، وقف خلف الكاميرا شاهداً على لحظات البطولة في عملية الأسر الأولى عام 2000 ، وبتلك الكاميرا أخرج لحظات من الفداء، أراد أن تصبح جزءاً من الذاكرة، كما هو، عندما أخرج المشهد الأخير: شهيداً..