انتهاكات نظام البحرين تتسع .. “الإبعاد وإسقاط الجنسية” نموذجا – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

انتهاكات نظام البحرين تتسع .. “الإبعاد وإسقاط الجنسية” نموذجا

علم البحرين
ذوالفقار ضاهر

قبل فترة وجيزة، رفض السويسريون اقتراحا لاقرار مشروع قانون ينص على “طرد تلقائي” للاجانب الذين يرتكبون جرائم، وذلك بحسب ما اعلن معهد “جي.اف اس” للاستطلاعات في ختام استفتاء اجراه، وبلغت نسبة الرافضين للاقتراح 59 في المئة.
 
ففي سويسرا يرفض الشعب ترحيل او طرد من هو أجنبي عن بلدهم بحجة انه ارتكب جرما ينص عليه القانون، وهذا بالطبع منطلقه انساني قانوني بامتياز، لان من يرتكب جريمة ما من المفروض ان ينال العقوبة التي تستحقها أفعاله، لا ان تستخدم بحقه طرق غير منطقية ولا قانونية كطرده من بلد او ترحيله عنها، هذا كله والمرتكب او المجرم هو أجنبي عن سويسرا.

وبالانتقال الى البحرين ومن باب المقارنة مع سويسرا، فقد رحلت السلطات البحرينية مؤخرا العديد من المواطنين البحرينيين الاصليين الى بلدان أخرى بعد ان تم الحكم عليهم بأحكام “قضائية” لها أبعاد سياسية واضحة، كما تقرر في البحرين أيضا تجريد مواطنين من جنسيتهم، بما يجعلهم أحيانا كثيرة في وضع قانوني لا يحسدون عليه، فهل لمثل هذه الاحكام والعقوبات من أسس قانونية محلية او دولية؟ وكيف يمكن قبول هكذا أحكام على الصعيد الانساني والقانوني؟ وهل يقبل في حالات ما ترحيل مواطن او طرده عن موطنه ومسقط رأس وبلد آبائه وأجداده كما يحصل في البحرين؟ وما هو رأي القانون الدولي والاتفاقيات التي ترعى حقوق الانسان من كل ذلك؟

الحق بالجنسية.. كالحق في الحياة

فمن البديهي ان العقوبات في القرن 21 باتت تتأقلم مع حقوق الانسان الطبيعية ولا تتجاوز حدود العقل والمنطق كما لو تضمنت عقوبات خارقة للقبول الانساني، وما هو خارج عن المقبول والمعقول فيما يتعلق بالعقوبات لا يقتصر فقط على تلك العقوبات التي تتضمن تعذيبا للانسان او التي تحتوي تعنيفا شديدا وفظيعا لا يقبله الضمير البشري.

فالمسألة قد تكون أكثر سلمية من حيث الشكل ولا تتضمن الكثير من العنف المادي او الجسدي، وإنما قد تكون أكثر إيلاما وإيذاء من الناحية المعنوية او الادبية او الاخلاقية لاحتوائها على أشكال أخرى من التعنيف والاذلال، كما لو تقرر إبعاد شخص او نفيه عن وطنه وأهله ومجتمعه الى بيئة جديدة وأوطان بعيدة غير وطن آبائه واجداده، او كما لو تضمنت العقوبة اسقاط الجنسية عن أبناء الوطن وتركهم “عراة” بلا رابط مع وطنهم الحقيقي وإظهار أنهم منبوذون تلفظهم أرضهم الى أرض لا رابط لهم بها او الايهام انهم ارتكبوا من “الشناعة” الافعال التي تجعلهم غرباء في هذه الارض بدون صلة بأي وطن من الاوطان.

حول ذلك، أشارت مصادر حقوقية بحرينية الى ان “الجنسية هي رابطة أصلية بين الدولة والفرد يحكم القانون نشأتها ويحدد آثارها إذ أن لكل إنسان الحق في الحصول على جنسية ولا يجوز أن يحرم منها تعسفيا”، واعتبرت ان “الجنسية مسألة هامة بالنسبة للفرد باعتبارها حقا من حقوق الإنسان لا يقل عن الحق في الحياة والحق في الحرية”، ورأت ان “حياة الفرد لا تقوم لها قائمة ما لم يكن منتميا منذ لحظة ميلاده وحتى وفاته لدولة ما”.

ولفتت المصادر الى ان “حالات تجريد الجنسية البحرينية حسب القانون هي:

– السحب: وتسري على المتجنس في حالات حددتها المادة الثامنة من قانون الجنسية البحرينية، وتسحب الجنسية بدون إرادة المتجنس.

– الفقدان: فقدان الجنسية يكون وفقا للحالات التي حددتها المادة التاسعة من قانون الجنسية وفقدانها يكون بإرادة حاملها.

– الإسقاط : بيّنت المادة العاشرة من قانون الجنسية حالات إسقاط الجنسية، وأجازتها بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية وبعد موافقة مجلس الوزارء، وإسقاط الجنسية تتم بدون إرادة حاملها”.

واضافت المصادر ان “ثمة حالة أضيفت إلى حالات إسقاط الجنسية وردت بالمادة (24) مكرر من مرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2013 بتعديل بعد أحكام القانون رقم (58) لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية بأنه بالإضافة إلى العقوبة المقررة، يُحكم بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد من (5) إلى (9) و(12) و(17) من هذا القانون ولا يُنفذ الحكم الصادر بإسقاط الجنسية إلا بعد موافقة ملك البلاد”.

إسقاط الجنسية ومخالفة القانون الدولي..

ورأت المصادر أن “المشرع البحريني توسع في حالات تجريد الجنسية خلافاً لما نصت عليه الدساتير المتطورة والمواثيق الدولية”، وتابعت “لم يكتف المشرع بإسقاط جنسية من يرتكب الخيانة العظمى بحق الدولة وإنما أجاز إسقاط الجنسية بناء على عرض وزير الداخلية وبموافقة مجلس الوزراء في حالات أوردها القانون على سبيل الحصر دون تسبيب ودون إخطار مسبق للفرد المراد إسقاط جنسيته وإعطائه مهلة محددة لتصحيح أوضاعه والدفاع عن نفسه حول الواقعة المنسوبة إليه ودحضها قبل إصدار المرسوم بتجريده من جنسيته”.

وقالت المصادر إن “المشرع البحريني أعطى السلطة التنفيذية في إسقاط الجنسية سلطة تقديرية مطلقة إداريا خلافا لما يقضيه القانون الدولي لحقوق الإنسان”، واكدت ان “حق الدول في أن تقرر رعاياها ليس حقا مطلقا وانه يجب على الدول بصفة خاصة الإمتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان فيما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها”.

واعتبرت المصادر ان “قرار إسقاط الجنسية هو إعدام مدني للمسقطة جنسيتهم فكأنما أزيلوا من الوجود القانوني في الدولة وأصبحوا يعيشون وضعاً قانونيّاً ومدنيّاً مزرياً ينبغي الالتفات إليه”، واكدت ان “الإبعاد وإسقاط الجنسية عن المواطن لا يجوز حتى لو ثبتت أحكام قضائية كالمؤبد أو الإعدام”، ورأت ان “هذا الإسقاط والإبعاد هو أصعب من المؤبد أو الإعدام، لأنك نفيت أصل انتمائه لوطنه”.

واضافت المصادر ان “من يتم إسقاط جنسيتهم يتم إحالتهم إلى المحاكمة بسبب الإقامة غير المشروعة”، واشارت الى ان “المادة 17 من الدستور البحريني تتكون من فقرتين الأولى تتحدث عن مسألة إسقاط الجنسية والثانية التي تؤكد عدم إبعاد المواطن أو منعه من العودة إلى وطنه”، أكدت انه “لا يوجد قانون ينظم إبعاد المواطنين لأن المشرّع الدستوري حسم قضية إبعاد المواطن عن وطنه برفضها”، مشددة على ان “المواطن فلا يجوز إبعاده”.

واوضحت المصادر ان “مسألة الابعاد غير جائزة بموجب الدستور اي ان هذه المسألة لا يمكن تقريرها من أي سلطة كانت في البلاد حتى من قبل السلطة التشريعية”، وتابعت “من باب أولى ممنوع على القضاء تقرير مثل هذا الامر وبالتالي فإن الاحكام القضائية التي تقرر إبعاد أبناء الشعب البحريني هي أحكام غير قانونية لانها مخالفة للدستور”.

من كل ما سبق يمكننا الاستنتاج عما يعانيه الشعب في البحرين من اضطهاد وقمع للحريات واعتداء على الحقوق، فمن لا يتورع عن تجريد مواطن من جنسيته او ترحيله عن موطنه لن يتورع بالتأكيد عن فعل ما دون ذلك من ممارسات لا تقف عند كمّ الافواه ومصادرة الحريات وقد تصل في أحيان كثيرة الى مصادرة “الحق في حياة” الافراد في البحرين وجعلهم يتمنون الموت، رغم انهم اناس رفعوا وما زالوا شعار “السلمية” في المطالبة بحقوقهم متسلحين بالصبر والصمود، فربما هذا ما يفقد السلطات الحاكمة هناك صوابها..

المصدر: موقع المنار

البث المباشر